تحليلات معمقة: نهاية الإغلاق الحكومي الأمريكي ومسار البيتكوين المستقبلي
في الثالث عشر من نوفمبر 2025، طويت صفحة أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، وهي فترة قاسية استمرت 43 يومًا أدت إلى تعليق رواتب الموظفين الفيدراليين وإخفاء البيانات الاقتصادية الحاسمة عن الأسواق. مع توقيع الرئيس ترامب على القانون الذي يتيح استئناف العمليات الفيدرالية، تنفس سوق العملات المشفرة، بقيادة البيتكوين، الصعداء. يتداول البيتكوين اليوم بحذر حول مستوى 102,500 دولار، بعد أن افتتحت شمعة اليوم اليومية عند 103,000 دولار بتوقيت غرينتش. هذا التحرك يمثل محاولة لترسيخ الموقف بعد الاضطرابات الأخيرة. يبقى السؤال الأهم هو ما إذا كان هذا الاستقرار هو مجرد راحة مؤقتة أم أنه يمثل نقطة انطلاق لدورة صعودية قوية ومستدامة.
لفهم الديناميكيات الحالية، يجب تقدير مدى الاضطراب الذي سببه الإغلاق. لقد تجاوز تأثيره واشنطن العاصمة ليشمل الهياكل المالية العالمية. مع توقف التقارير الاقتصادية الدورية والمهمة، مثل إحصاءات التوظيف وأرقام التضخم، اضطر المتداولون إلى العمل في بيئة معتمة. وعلى الرغم من التصور السائد بأن البيتكوين هو أصل تحوطي ضد تقلبات العملات الورقية، فإنه لم يتمكن من التهرب كليًا من ضغوط السيولة الناتجة. لقد شهد السعر انخفاضًا ملحوظًا من قمته الأخيرة عند 105,342 دولار إلى ما يقارب 102,203 دولار. والأهم من ذلك، تزامن هذا الانخفاض مع ارتفاع هائل في حجم التداول اليومي بنسبة 138%، وهو ما يشير إلى نشاط عدواني من كبار المستثمرين أو "الحيتان" الذين استغلوا حالة الذعر الناتجة عن عدم اليقين الاقتصادي لتكثيف مراكزهم.
من المتوقع أن يمثل الإنهاء الرسمي للإغلاق حقنة سيولة كبيرة في الاقتصاد. فبعد إعادة فتح الخزانة الأمريكية، ستُستأنف معالجة المدفوعات المتأخرة للموظفين الفيدراليين، مما سيؤدي إلى تداول كميات كبيرة من رأس المال. تشير التجارب السابقة إلى أن حقن السيولة غالبًا ما يكون في صالح الأصول عالية المخاطر مثل العملات المشفرة، حيث يبحث رأس المال عن عوائد أعلى بعيدًا عن الاستثمارات التقليدية منخفضة العائد. كما يعيد استئناف العمل الحكومي التركيز على سياسة الاحتياطي الفيدرالي النقدية. في حين دعت سوزان كولينز، رئيسة فيد بوسطن، إلى موقف حذر بشأن ثبات الأسعار، فإن إشارتها إلى "حاجز عالٍ" لمزيد من التيسير توحي بأن التوجه نحو سياسات أكثر مرونة يظل مطروحًا في حال تحسن البيانات الاقتصادية. تبلغ احتمالات خفض أسعار الفائدة في ديسمبر حاليًا 53.9%، وهو انخفاض عن 91.7% في الشهر الماضي، ويُعزى ذلك إلى فقدان بيانات أكتوبر. لكن إصدار الأرقام الجديدة والموثوقة قد يعيد معايرة التوقعات بسرعة، مما يوفر محفزًا إيجابيًا قويًا للبيتكوين وسوق العملات البديلة الأوسع.
من الناحية الفنية، يُظهر الرسم البياني الأسبوعي للبيتكوين نمط "الابتلاع الصعودي" (Bullish Engulfing)، الذي يعد عادةً مقدمة قوية لزخم صعودي كبير، ويلمح إلى احتمال اختراق حاسم للمقاومة عند 110,000 دولار. يظل مؤشر القوة النسبية (RSI) محايدًا حول منطقة 45-50، ويصدر مؤشر تقارب وتباعد المتوسط المتحرك (MACD) إشارات تقاطع إيجابية أولية. تتمركز مستويات الدعم الحيوية عند 100,000 دولار و 95,000 دولار، بينما تقع تكتلات المقاومة الرئيسية التالية عند 110,000 دولار و 120,000 دولار. يدعم حجم التداول المرتفع، لا سيما في الانخفاضات، فرضية "تراكم الحيتان"، مما يشير إلى أن الأموال الذكية تبني مراكزها بنشاط في ظل استمرار ذعر صغار المستثمرين. مؤشر الخوف والطمع لا يزال عند 26، ما يعني "الخوف الشديد". بالنسبة للمستثمرين المعاكسين للتيار، غالبًا ما تكون هذه القراءة بمثابة أفضل إشارة للشراء، حيث تتشكل قيعان السوق عادة في أقصى درجات التشاؤم.
توفر المؤشرات الاقتصادية العالمية سياقًا إضافيًا. تراجع مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) في سويسرا خلال أكتوبر بشكل غير متوقع إلى 0.1%، مدفوعًا باستيراد أرخص وقوة الفرنك السويسري. هذا التباطؤ قد يخفف من مخاوف التضخم الأوروبية الأوسع. بشكل منفصل، تُظهر بيانات التجارة البريطانية الأخيرة استقرارًا نسبيًا، وتشير إحصاءات السفر الدولية في نيوزيلندا إلى انتعاش الطلب العالمي. البيئة العالمية التي تتميز بالتضخم القابل للإدارة تعزز الشهية للمخاطر. فعندما تنخفض العوائد الحقيقية للأصول الآمنة التقليدية، يُعاد تخصيص رأس المال نحو الأصول ذات المخاطر والعوائد الأعلى مثل البيتكوين. هذا الترابط المالي العالمي يؤكد دور البيتكوين كمكون راسخ في مشهد الأصول الخطرة العالمي.
في حين أن السوابق التاريخية، مثل ارتفاع البيتكوين بعد إغلاق الحكومة الأمريكية عام 2013، غالبًا ما تُستشهد بها كدليل على ازدهار البيتكوين في الفوضى، فإن الوضع الحالي أكثر تعقيدًا. أضافت اتهامات الصين الأخيرة، التي تزعم تورط الحكومة الأمريكية في اختراق 13 مليار دولار من عملات البيتكوين، طبقة مهمة من المخاطر الجيوسياسية التي قد تهز ثقة المستثمرين. على النقيض من ذلك، فإن التدفق المستمر للتأييد المؤسسي يوفر رواية مضادة قوية عن الاستقرار طويل الأجل. على سبيل المثال، أعلن وقف جامعة إيموري عن تحقيق ربح بنسبة 91% على استثماره البالغ 51.8 مليون دولار في صندوق "جراي سكيل بيتكوين ميني تراست" المتداول في البورصة. تؤكد هذه الخطوة الاستراتيجية من قبل وقف تعليمي كبير على القبول المتزايد للبيتكوين كفئة أصول مشروعة وعالية العائد لإدارة المحافظ الاستثمارية المتطورة.
في سوق العملات البديلة، نجح الإيثيريوم (ETH) في الحفاظ على موقعه فوق المتوسط المتحرك الأُسي لمدة 50 أسبوعًا (50W EMA)، وتظل هيمنة البيتكوين (BTC Dominance) تحت هذا المستوى الحرج. تشير هذه المؤشرات الفنية إلى احتمال وشيك لموسم "العملات البديلة". ومع ذلك، يبقى مسار سعر البيتكوين هو الدافع الرئيسي للسوق. تتوقع التوقعات الحالية للمحللين هدفًا عالي الاحتمال يبلغ 114,700 دولار بحلول 12 ديسمبر. وبالنظر إلى المستقبل، فإن التوقعات للربع الأول من عام 2026 (Q1 2026) صعودية بقوة، مع توقعات تصل إلى 150,000 دولار إلى 200,000 دولار، بشرط استمرار التدفق المؤسسي واستقرار البيئة الكلية. يجب على المتداولين البقاء يقظين: إن أي كسر قاطع ومستدام لدعم 100,000 دولار من شأنه أن يبطل الفرضية الصعودية الفورية وقد يؤدي إلى تصحيح أعمق وأطول أمدًا. باختصار، سوق ما بعد الإغلاق هي بيئة معقدة تجمع بين الفرص والمخاطر المتداخلة. تبقى النصيحة العملية: التجميع بحكمة عند الانخفاضات، وإعطاء الأولوية لإدارة المخاطر الصارمة باستخدام أوامر وقف الخسارة المحكمة، وإدراك أن الصبر والإيمان طويل الأجل ضروريان للتنقل في هذا المجال الرقمي المتقلب بطبيعته.